من الظل إلى المواجهة: نضال مجتمع الميم-عين في تونس ضد الكراهية المقنّنة.
- Trans Unity Coalition Tn
- 17 مايو
- 3 دقيقة قراءة
تاريخ التحديث: 6 يوليو
تونس في اليوم العالمي لمناهضة الهوموفوبيا والترانسفوبيا

نضال الكويريين بين التشريع و التهميش
يوافق 17 ماي من كل سنة اليوم العالمي لمناهضة الهوموفوبيا، الترانسفوبيا، و البايفوبيا، و هو مناسبة عالمية تُستحضر فيها معاناة أفراد مجتمع الميم-عين جرّاء العنف و التمييز، و تُسلّط فيها الأضواء على مسارات المقاومة و الكرامة. في تونس، تأتي هذه الذكرى في سياق قانوني واجتماعي معقّد، يتداخل فيه القمع البنيوي مع محاولات جادّة من المجتمع الكويري لصنع فضاءات بديلة تُعيد الاعتبار للتجربة الكويرية كمكوّن فعلي من مكونات المجتمع التونسي.
قانون يُجرّم، و نظام يُقصي
يظلّ الفصل 230 من المجلة الجزائية التونسية من أبرز العراقيل القانونية التي تواجه الأفراد من مجتمع الميم-عين، إذ يجرّم العلاقات الجنسية بين أشخاص من نفس الجنس و العابرات جندريا باعتبار عدم اعتراف المؤسسات القانونية بهويتهن الجندرية و ضمهن تحت مظلة الرجال المثليين"، و يوفّر بذلك غطاء قانونياً لانتهاك الخصوصيات، و إخضاع الأفراد لممارسات لا إنسانية ترتقي إلى مرتبة جرائم التعذيب كالفحوص الشرجية القسرية، مع ما يرافق ذلك من تشهير و تحريض مجتمعي.
لكن الكويرفوبيا الترانسفوبيا في تونس لا تقتصر فقط على القانون، بل تتجذّر و تُستبطن أيضاً داخل المؤسسات الاجتماعية؛ مثل الأسرة، المدرسة، الإعلام، و المنظومة الصحية، .. هذا التداخل بين القانوني و الثقافي يُنتِج مناخاً عاماً يكرّس الصمت، و يضفي شرعية على العنف المادي و الرمزي الذي يُمارس على الأجساد الكويرية.
مساحات مقاومة و مسارات نضال
رغم هذا الواقع، لا يمكن تجاهل الديناميكية التي خلقها المجتمع الكويري التونسي خلال العقد الأخير. فقد لعبت منظمات و جمعيات كويرية دوراً محورياً في التوثيق، الدعم النفسي و القانوني، و صياغة خطاب بديل عن السردية الرسمية المهيمنة.
كما ساهمت وسائل الإعلام البديلة، و الفنون، و المبادرات الرقمية في خلق مساحات يُمكن فيها للأفراد الكوير أن يعبّروا عن أنفسهم، و يتبادلوا تجاربهم، و يشكّلوا نوعاً من التضامن العابر للحدود و الهويات. هذه المساحات لم تُعد فقط مواقع تعبير، بل صارت أدوات مقاومة ضد الإقصاء، و أشكالاً من إعادة تعريف الذات و الهوية.
لا يتمثل العنف الممارس ضد أفراد مجتمع الميم-عين و الكوير في أفعال فردية معزولة فقط. و لهذا فـإن مناهضة الكويرفوبيا و الترانسفوبيا في السياق التونسي يجب ألا تختزل في الدعوة إلى التسامح أو التقبّل بل يجب أن تكون مدخلاً لمساءلة بنية السلطة التي تنتج هذا العنف،
العنف الممتدّ من مؤسسات الدولة إلى تفاصيل الحياة اليومية
من غرف التحقيق إلى صفحات الصحف؛ حيث يُمارَس من قبل أجهزة الدولة، ثم يُعاد إنتاجه عبر حملات تشهير إعلامية تنزع عن الأفراد كرامتهم.
و من البرامج التعليمية و محيط المؤسسة التربوية إلى النكت الشعبية؛ حيث يتربى الجيل على صورة نمطية للذكورة و الأنوثة، ويُزرَع فيه الازدراء تجاه كلّ ما هو مختلف.
و من الخطاب الديني ( خطب الأئمة بشكل خاص ) إلى الخطابات السياسية الرسمية و الغير رسمية
حيث تُوظّف الكويرفوبيا لبناء أرضية أخلاقوية حاضنة للشعبوية تُقصي المختلف وتُبرر تهميشه و تعنيفه و قمعه.
و من التشخيص الطبي و مناهج علم النفس إلى الممارسات العلاجية و الفحوصات الشرجية القسرية المهينة؛ حيث يُعامل الكويريون كـ"مرضى" يجب تقويمهم و تعديل سلوكياتهم، بدل احترام هوياتهم و خياراتهم الجسدية بل و يتمادى الى انتهاك حرمتها، كما لا تزال بعض التوجهات الأكادمية تنظّر لعلاج المثلية الجنسية أو تعتبر العبور الجندري اضطرابا نفسانيا
و انطلاقا من العائلة إلى حلقة المجتمع الأكبر و الأوسع؛ حيث يُواجه الكويريون الطرد، الإقصاء، أو الصمت القسري حفاظاً على السمعة أو الاستقرار ...
و من سياسات الدولة إلى تجاهل المسؤولين في تواطؤ صامت من المجتمع؛ حيث تتجاهل المنظومة السياسية بأكملها مطالب الكويريين، خوفاً من المسّ بـ"الثوابت" و الأخلاقيات"
الرهان ليس فقط على إلغاء تجريم المثلية أو الاعتراف القانوني بالهويات الجندرية و الجنسية، بل أيضا على تفكيك المنظومة الفكرية و الاجتماعية التي ترى في الكويرية و مجتمع الميم-عين بأكمله تهديداً يجب إقصاؤه، لا تنوّعاً يجب احتضانه.
في هذا اليوم، لا يطالب الكويريون في تونس بـ"التسامح"، بل بالكرامة. لا يطلبون "تفهّماً"، بل اعترافاً بمواطنتهم الكاملة، و حمايتهم من العنف، و تجريم الكراهية بدل تجريم الوجود. النضال الكويري ليس هامشياً ولا نخبوياً، بل هو لبّ المعركة من أجل الحرية و العدالة الاجتماعية في تونس ما بعد الثورة. نطالب بالكرامة لا التعايش .
الكاتب :
آدم الميموني
ناشط كويري و عضو مؤسس لائتلاف اتحاد العابرين و العابرات بتونس
Very informative<3 I just learned about those procedures ! A person's sexual activity is supposed to be private. Yet here they are violating basic rights !!!