top of page
بحث

عن الفخر الكويري في تونس، خارج الاعتراف و خارج الاحتفال

تاريخ التحديث: 6 يوليو



ree

في تونس، لا تُزيَّن الشوارع بألوان الطيف ( قوس قزح )، لا تُعلق الأعلام و لا تُقام احتفالات عامة في شهر الفخر، لا تُقام مهرجانات ولا تُعقد فعاليات رسمية تحتفي بمن ينتمين و ينتمون إلى مجتمع الميم-عين. بل يُقابل هذا الشهر دائما بصمت أو خوف. و لكن مع ذلك نحن هنا. موجودين/ات رغم كل شيء، متشبثين/ات بهوياتنا الكويرية و اللامعيارية اللانمطية بكل ما فيها من جمال و قوة. لا ننتظر اعترافًا رسميًا، و لا مساحات جاهزة لنتواجد، بل نخلقها بأنفسنا و نعيد صنع الأمان، و نحوّل الهامش إلى مكان نابض بالحب و الرغبة و المقاومة و كثير من الفخر.

الفخر بالنسبة لنا لا يقتصر فقط على مناسبة سنوية عابرة، بل هو فعل يوميّ من الوجود و الصمود في وجه القمع و واقع التمهميش. هو أن نعيش كما نحن، أن نُسمّي أنفسنا بأسمائنا، أن نحب من نحب، وأن نعبّر عن أجسادنا و هوياتنا بلا تردد، هذا وحده مقاومة و فخر! نحن لسنا فقط ضحايا لهذه المنظومة، نحن ذوات و فاعلون/ات في حيواتنا، نبني شبكات دعمنا، ننتج معرفة بديلة و نخترق الجدران التي فُرضت علينا. وجودنا فعل سياسي، و تعبيرنا عن أنفسنا مقاومة ضد مسارات محو طويلة و ممنهجة. و كل يوم نحتفي بهوياتنا و قوتنا و نحتفل بدعمنا و احتوائنا لبعضنا بعض، بفرحنا الذي يتحدى الخوف، و بكل لحظة نكسر فيها الجدران التي وُضعت حولنا. نحتفل بأجسادنا التي قاومت، و بقلوبنا التي لم تفقد قدرتها على الأمل و الحلم. نحتفل بمن سبقونا، و من معنا، و من سيأتون بعدنا.

في هذا الشهر و في كل لحضة و كل يوم، لا نطلب تمثيلًا رمزيًا، بل نطالب بالاعتراف القانوني، بالحماية من العنف، بإلغاء القوانين المجحفة و الرجعية، و بضمان حقنا في الصحة و التعليم و العمل دون تمييز. نطالب بإنهاء التجريم، و بفتح النقاش المجتمعي حول الهويات الجندرية و الجنسية من موقع يحترم الكرامة الإنسانية، لا من منطلق الوصاية أو التطبيع مع القمع.

الفخر بالنسبة لنا، ليس مناسبة لتزيين الصفحات أو رفع الشعارات، بل هو تمسّك عنيد بالحياة في وجه محاولات المسح و الطمس و الإخضاع. الفخر هو أن نواصل الحلم، أن نواصل التنظيم و التنظم، أن نواصل المواجهة رغم أبواب الزنازين المفتوحة في وجوهنا، و رغم الوصم، و رغم الخوف الذي يحفرونه في أجسادنا و الذي لن يمنعنا أبدا من الحركة ما دمنا كتلة واحد في مواجهته.

نرفع هذا الفخر اليوم من تونس، لا كاحتفال، بل كبيان وجود و كصرخة في وجه نظام لا يرى فينا سوى خلل يجب تقويمه أو كيان يجب إلغاؤه. نحن هنا، وسنظل.

سنظل نرفع أصواتنا في كل الفضاءات و من منابر أبت أن تُخصص لنا، لا لنطلب الإذن، بل لنُعلن عن وجودنا و أننا سنبقى و سنواصل المشوار و سوف نظل متمسكين/ات و متشبثين/ات بحقنا في التواجد بكل فخر و بكل حب و بكل نفس مفعم بالحياة.


الكاتب :

آدم الميموني

ناشط كويري و عضو مؤسس لائتلاف اتحاد العابرين و العابرات بتونس

 
 
 

تعليقات


logo-tans-unity-c.png

© 2035 by Trans Unity Coalition Tunisia.

bottom of page